تقديم الجماعة
مقدمة
تحتل مدينة سيدي بنور موقعا استراتيجيا على الصعيدين الإقليمي و الجهوي، ليس لكونها فقط تتوسط منطقة فلاحية سقوية ينتج عن استغلالها قيمة مضافة مرتفعة، وإنما لكونها أيضا توجد في ملتقى طرقي مهم من خلال الطريق الوطنية رقم 7 والرابطة بين مدينة الجديدة ومراكش، والطريق الجهوية 202 المؤدية إلى الزمامرة – آسفي والطريق الإقليمية 202 الرابطة بين سيدي بنور ومدينة سطات عبر العونات، والطريق الإقليمية 203 المؤدية إلى بني هلال – أولاد افرج.
كما أن مدينة سيدي بنور تحتضن أكبر سوق أسبوعي على الصعيد الوطني "سوق ثلاثاء سيدي بنور".
بنيت المدينة إلى جانب القرية القديمة التي لم تتطور من حيث العمران، وانطلاقا من هذه المؤهلات التي يمكن استعمالها كقاطرة للدفع بالتنمية المحلية، تعد مدينة سيدي بنور قطبا اقتصاديا واعدا على الصعيد الجهوي لاسيما في مجال التجارة والخدمات وفي مجال الصناعات التحويلية.
-1- معطيات عن التعريف الأحادي لمدينة سيدي بنور.
1- أصول سكان مدينة سيدي بنور:
أجمع عدة مؤرخين على أن أصل سكان مدينة سيدي بنور هم من المصامدة المعروفين بالاستقرار والثراء والتمدن، حيث كونوا مدنا صغيرة وذلك لوفائهم للأرض، الشيء الذي ساعدهم على تكوين تجمعات كان لها وزنها لدى القبائل المجاورة، والمتصفح لكتب التاريخ يجد أن منطقة دكالة عرفت نزوحا في فترات متعاقبة من طرف قبائل كثيرة، كالسراغنة وتادلة والأطلس، وقد تجانست هذه القبائل وتساكنت لتكون حصنا دفاعها في مواجهة الغارات التي كانت تشن على هذه المنطقة، كما أن قبائل بربرية تنتمي لمصمودة وصنهاجة قد نشرت نفوذها على المنطقة.
- قبيلة مشتراي:
أنجبت هذه القبيلة البائدة أي اثنين الغربية حاليا أعلاما بارزة في العلم والتقوى والجاه أمثال الشيخ أبي عثمان سعيد بن أبي بكر دفين زرهون، والشيخ العمران سيدي موسى الدكالي دفين الجيل الأخضر بجماعة اخميس قصيبة.
لقد اتخذ أناس القبيلة مقرا لهم دوار القرية الذي سيكون فيما بعد اللينة الأساسية الأولى وأول تجمع سكاني لمدينة سيدي بنور، لتتسع وتأخذ مكانها بين المدن المغربية التي تتغنى بالمنشآت العمرانية والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وقد عرفت هذه القرية عبر التاريخ بقرية أولاد امسلم أو قرية بوسكاون أو قرية أولاد موسى، التي كانت مورد علم ونور في المنطقة، والتي توجد غرب ضريح سيدي بنور على بعد كيلومتر واحد وهي اليوم عبارة عن أطلال وقطع من الزليج.
و بوسكاون (أي ذو القرون) هو أبو حفص عمر بن علي الدغوغي رجل علم وزهد وصلاح، نزح من مدينة مشتراي في منتصف القرن السادس الهجري، واستوطن القرية حيث تعلق الناس به وأحبوه وبقى في القرية إلى أن توفي بها ودفن وأقيم له ضريح مازال موجودا إلى حد الآن.
وتعتبر هذه القرية النواة الأولى لمدينة سيدي بنور، وقد عرف أهل القرية بالبراعة في الفروسية وحمل السلاح واثقان فنون الحرب، ومكنتهم هذه المؤهلات من توثيق علاقتهم بأولي الأمر وأرباب الحكم على الصعيد المحلي.
إن ازدهار هذه القرية من الناحية التجارية والاقتصادية والعلمية والسياسية جعلها تكون محجا للمفكرين والعلماء والتجار، ومن بين هؤلاء الوافدين سيدي عبد الله بن واكيس الملقب بأبي النور، الذي تفرغ لتدريس الفقه واللغة والأصول وظهرت على يده عدة كرامات مما دعى أهل القرية إلى وصفه بأبي النور، وقد توفي سنة 595 هجرية ودفن بمدينة سيدي بنور، وقد درس على يده مجموعة من العلماء المرموقين في عصره أمثال مولي بوشعيب الرداد دفين مدينة أزمور، ومولي عبد الله أمغار دفين قرية سميت باسمه على شاطئ المحيط الأطلسي بالقرب من مدينة الجديدة.
ب - قبيلة بني دغوغ:
كانت هذه القبيلة محط عناية ملوك المغرب ورجال الحكم نظرا لما كانت تتوفر عليه مكانة علمية من خلال تواجد عدة علماء بها، اشهرهم الشيخ الإمام أبو حفص عمر الدغوغي، والشيخ المهدي الدغوغي ابن ابراهيم وغيرهم، ومازال أحفاد هؤلاء الشيوخ متواجدين بها، واشتهرت هذه القبيلة عبر التاريخ بالتجارة خاصة في الأعشاب الطبية.
ويوجد حاليا بدوار القرية قبتان: الأولى لسيدي حرمة الله الذي يجهل المؤرخون دوره ومكانته، والثانية لأبي حفص عمر بن علي يعقوب المشتراي (سيدي بوسكاون) الذي كان فقيها وعالما ساهم في نشر العلم بالمنطقة.
وفي هذه السياق تم إنشاء أول حي أوربي بالقرب من ضريح الولي الصالح سيدي بنور، تحرك على إثره بناء المنطقة بدافع الغيرة على البلد للبناء والتشييد كان أولهم السيد الفاطمي بن عيسى وابن العوجة وأحد الأعوان من أولاد سي أبو امحمد يدعى ابن العبدولي، وأحد المخازنية يدعى الشاوش بن عيسى.
وهكذا تم إعطاء الانطلاقة للبناء والتعمير بالمنطقة، وتطور بالخصوص في الفترة الفاصلة بين 1922 و 1927 حيث كانت سنة 1922 هي الإعلان الرسمي لخلق مركز سيدي بنور وخلق أول تجزئة بواسطة ظهير مؤرخ ب 24 يونيو 1922، وهي عبارة عن بقعتان أرضيتان مخزنيتان تقعان بجانب سوق ثلاثاء سيدي بنور القديم بسجل محتويات الأملاك المخزنية بالجديدة تحت عدد 1178د ر.
وقد توسعت هذه التجزئات سنة 1927 و 1928 ووضعت اللبنة الأولى لأنظمة البناء بمدينة سيدي بنور، حيث اجتمعت لجنة بتاريخ 13 أبريل 1929 ووضعت الخطوط العريضة لتنمية المدينة التي يمكن اعتبارها بمثابة تصميم نمو المدينة انداك حيث نصت على النقط الثالية:
- تخصيص ثلث المساحة المخصصة للتجزئة الحضرية "للطرق والأزقة والساحات".
- تخصيص أماكن مختلفة بالتجزئة من أجل بناء المرافق العمومية: المراقب المدني، المدارس، الدرك الملكي، مكتب البريد، الأشغال العمومية.
وهكذا تم خلق مصالح عمومية أولها مكتب البريد والأشغال العمومية، وبنيت مصلحة صحية ومدرسية وقباضة ومصلحة الترتيب، وقد آثر القطاع العام بناء مصالحه بالأحياء الأروبية.
ومباشرة بعد الحرب العالمية الثانية، شهد مركز سيدي بنور تطورا هاما حيث تم توسيع التجزئات وإنشاء طريق مؤدية إلى الزمامرة بني على جانبها مسجد، وكان أول تحديد للمدار الحضري للمركز سنة 1937 بواسطة القرار الوزاري المؤرخ في عاشر غشت من نفس السنة.
و غداة الاستقلال شهدت مدينة سيدي بنور نموا ديمغرافيا سريعا ففي سنة 1931 كان عدد السكان يقدر بحوالي 274 نسمة وفي سنة 1936 بلغ عدد السكان 623 نسمة ثم انتقل سنة 1952 إلى 2368 نسمة وخلال سنة 1960 بلغ عدد السكان 5479 نسمة وفي سنة 1971 بلغ عدد الساكنة 11140 نسمة وخلال الإحصاء العام لسنة 1992 بلغ عدد السكان 23429 نسمة وفي سنة 1994 بلغ عدد السكان 34225 نسمة وخلال الاحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2004 بلغ عدد السكان 39593 نسمة، بينما بلغ عدد السكان خلال الاحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014: 55847 نسمة.
كما عرفت مدينة سيدي بنور توسعا عمرانيا واكبه إحداث مؤسسات عمومية وإنشاء وحداث صناعية بالمجال الفلاحي، مما جعلها قطبا فلاحيا مهما، وعاصمة دكالة من حيث المنتوج الفلاحي والحيواني، حيث تعتبر المزود الأول للجديدة والدار البيضاء ومراكش وأكادير بالخضر واللحوم الحمراء، وتعتبر سيدي بنور مصدرا مهما من حيث المنتوج السكري وذلك بوجود أكبر معمل للسكر خاصة بعد توسيعه وإلحاق وحدة الزمامرة به.
وبتاريخ 22 يناير 2009 تم الإعلان عن إحداث عمالة سيدي بنور.